سيرةالمصطفىﷺ((١٠٤)) حجة الوداع


 

سيرةالمصطفىﷺ((١٠٤))

حجة الوداع 


أولًا: المواقف الرئيسة في حجّة الوداع ووقوف عرفة


 1. انطلاق الركب إلى الحج


* في ذي الحِجّة من السنة العاشرة للهجرة، خرج النبي ﷺ مع المسلمين لأداء الحج، وهي الحجة الوحيدة التي حجّها ﷺ بنفسه بعد فرض الحج. 

* سُمّيت «حجّة الوداع» لأنّه ﷺ قال في خطبته: 

* «لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا» مما يعني وداعًا أو توديعًا. 


 2. يوم التّروية والذهاب إلى منى


* في يوم 8 ذي الحِجّة (يُسمّى يوم التّروية) نزل النبي ﷺ بمنى، وبقي هناك ليلاً أو بدايًة للتحضير للوقوف بعرفة. 


 3. الوقوف بعرفة 

(يوم 9 ذي الحِجّة)


* هذا الركن الأعظم للحج: «الوقوف بـ عرفة» حيث وقف النبي ﷺ في عرفة وحيّ المؤمنين بخطيته العظيمة. 

* وقت الوقوف: من زوال الشمس يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النّحر. 


* من المواقف: النبي ﷺ قال للمسلمين «يا أيها الناس عليكم بالسكينة … البرّ ليس في الإيضان» عند الزحام. 


 4. نزول النبي ﷺ من عرفة إلى مزدلفة


* بعد وقوف عرفة، أفاض الحاجّ إلى مزدلفة، وبقي هناك ليلاً — كما هي سنة الحج. 


 5. منى، رمي الجمرات، والنحر والذبح، وحلق الشعر أو التقصير، والطواف بالبيت


* في منى أتمّ المناسك: رمي الجمرات، النحر، الحلق أو التقصير، ثم الطواف، ثم السعي، ثم طواف الوداع. 



6. خطبة النبي ﷺ في عرفة ووضع الأسس والوصايا


* أثناء الوقوف بعرفة أو في منى قبل الطواف، ألقى النبي ﷺ خطبته التي أُعرفت بخطبة الحجّة، بيّن فيها الحقوق، وجعلها دستورًا للأمة بعده.


* ومن أبرز ما فيها: حرمة الدماء والأموال، الأخوّة بين المسلمين، حقوق النساء، إلغاء العصبيات الجاهليّة، ونسبة التقوى إلى الفضيلة. 


7. نزول آية

  وقوله ﷺ:

 ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ))

المائدة


* قال العلماء إنّ هذه الآية من سورة المائدة

 (آية: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ … }) نزلت في هذا الموقف أو مرتبطًا به، دلالة على اكتمال الدين. 


 8. ختام المناسك والعودة إلى المدينة


* بعد إتمام المناسك في منى والطواف والوداع، عاد النبي ﷺ وأصحابه إلى المدينة، وهذا كان من آخر مناسك النبي ﷺ قبل وفاته. 



 ثانيًا: نصّ خُطبة الحجّة 

(خطبة الحجّ والعِبرة)



> «الحمدُ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا؛ من يهدهِ الله فلا مضلّ له، ومَن يُضلل فلن تجدَ له وليّاً مرشداً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

> أوصيكم عبادَ الله بتقوى الله، وأحثّكم على طاعته، وأستفتحُ بالذي هو خير. أما بعد: أيّها الناس اسمعوا مني، فأبِّن لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.

> أيّها الناس: إنّ دماءَكم وأموالَكم عليكم حرامٌ إلى أن تلقوا ربّكم، كحرمةِ يومِكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. فمن كانت عنده أمانةٌ فليؤدّها إلى مَن ائتمنه عليها.

> وإن ربا الجاهليّة موضوع، ولكن لكم رؤوسُ أموالِكم لا تظلمون ولا تُظلمون، وقضى الله أنه لا ربا. وإنّ أولَ ربا أبدأ به عمي العبّاس بن عبد المُطلب. وإنّ دماءَ الجاهليّة موضوعة؛ وإنّ أولَ دمٍ أبدأ به من دمائنا: دمُ عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المُطالب. وإنّ أعمالَ الجاهليّة موضوعة، إلاّ ما كان منها صدّقةً، أو بُنْيَاناً، أو عهدًا مؤبداً. ومن زاد عليها فقد دخل في أهل الجاهليّة.

> أيّها الناس: إنّ الشيطان قد يئس أن يُعبد في أرضِكم، ولكن قد رضي أن يُطاع فيما سوى ذلك ممّا تحقرون من أعمالكم. ألا إنّ النسيءَ زيادةٌ في الكفر، وإنّ الزمان قد استدار كما كان يوم خلق الله السّموات والأرض، إنّ عدةَ الشّهور عندَ الله اثنا عشرَ شهراً – في كتابِ الله – يومَ خلقَ السّمواتَ والأرض – منها أربعةٌ حُرّم: ثلاثةٌ متواليات، وواحدٌ مفردٌ. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

> أيّها الناس: إنّ لنسائِكم عليكم حقًّا، ولكم عليهنّ حقٌّ؛ ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم غيرَ مَن تكرِهون، ولا يُدخِلنَ منزلكم أحداً تكرِهون، ولا يأتين بفاحشةٍ واضحةٍ فإن فعَلن ذلك فقد أذنَ الله لكم أن تهجروهنّ في المضاجع، وتُضربوهن ضربًا غير مبرّحٍ، وإذا أطعنَكنّ فأُتبِعتمّنّ بالمعروف، فعليكم رزقُهنّ وكسوتُهنّ بالمعروف. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. أيّها الناس: إنّما المؤمنون إخوة، فلا يحلّ لمسلمٍ أن يَحبِسَ أخاه المسلمَ عن نَفسِه، ولا يَظلمه، ولا يخلّ بـودّه. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. أيّها الناس: إنّ ربّكم واحدٌ، وإنّ أباكم واحدٌ، كلكم لآدم وآدمُ من تراب. إنّ أكرمكم عندَ الله أتقاكم. ليس لعربيّ فضلٌ على عجميّ، ولا لعجميّ فضلٌ على عربيّ إلا بالتقوى. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

> أيّها الناس: ألا قد تركتُ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعده: كتابُ الله وسُنّةُ نبيِّكم. فخذوهما وذَرُوا ما خلاهما. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.»


---


## الدروس والعِبَر


1. **حرمة الدماء والأموال والأعراض**

   قال ﷺ: «يا أيها الناس إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ… كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا». 

   • هذا يعلّمنا أن احترام حياة المسلم وماله وكرامته واجب، 

لا يجوز التعدّي عليها إلا بحقّ.

   • ويذكّرنا بأنّ هذا التقيد ليس ظرفيّاً بل هو مبادئ ثابتة في الدين.


2. **المساواة والعدالة بين الناس**

   قال ﷺ: «يا أيُّها الناس إن ربّكم واحد، وإن أبوكم واحد… ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى». 

   • هذا درس في أن الأصل في الإنسان هو التقوى وليس العِرق أو اللون أو النسب.

   • ويعزّز فكرة الأخوة الإنسانية، ويحضّ على إزالة التمييز الظالم.


3. **تحريم أمور الجاهلية وموروثات الظلم**

   من قوله ﷺ: «ألا كلُّ شيءٍ من أمرِ الجاهليّة تحت قدميّ موضوع، ودماء الجاهليّة موضوعة، وربا الجاهليّة موضوعة» 

   • يُرشدنا إلى ضرورة التخلص من ممارسات الجاهلية التي تخالف العدل والحق، كالثأر الجائر أو الربا أو الاستبداد.

   • ويعني أن الدين جاء ليُطهر المجتمع من مظالم الماضي ويسوّي الحقوق.


4. **حقوق النساء والأسر والعلاقة بين الزوجين**

   من الخطبة: «فاتقوا الله في النساء، فإنّكم أخذتموهنَّ بأمانة الله… ولَكُم عليهنّ حق، ولهنّ عليكم حق».

   • هذا يضع أساساً للمعاملة الحسنة بين الزوجين، والاعتراف بحقوق كل طرف.

   • ويذكّر بأنّ الأسرة في الإسلام مؤسسة قائمة على العدل والاحترام.


5. **التمسّك بـ القرآن الكريم وسنة النبي ﷺ كمنهج حياة**

   قال ﷺ: «قد تركتُ فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا بعدي: كتاب الله وسنّة نبيّه». 


   • هذا يحثّنا على الالتزام بالوحي النبوي كدستور للحياة.

   • ويفيد بأنّ استمرارية الخير في الأمة مرتبط بالتمسك بهما.


6. **أخوة المسلمين ووحدة الصف**

   «المسلم أخو المسلم… لا يَحِلُّ لمسلمٍ من أخيه إلا ما أعطاه طيباً». 

   • يُعزّز التضامن بين المسلمين، ويحذر من التفرقة والخصومة الباطلة.

   • ويُذكّر بأنّ المال أو الحقوق تُنتزع إلا عن رضاٍ طيب.

## خاتمة


في ختام هذا التأمل، نجد أنّ خطبة الوداع ليست مجرد خطاب وداعٍ تاريخيّ، بل **دستورٌ حيٌّ** يضمّ قيم الأخلاق والمجتمع والعقيدة — صالح لكل زمانٍ ومكان.

فليكن نصيبنا من هذه الخطبة أن نعمر بها قلوبنا، ونترجمها في سلوكنا، ونُعلمها للآخرين. فبهذا نُحيي رسالتها، ونجعلها سبباً في بناء مجتمع يتسم بالعدل والتقوى والسلام.


نسأل الله أن يُعيننا على أن نكون من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، وأن يجمع بيننا على الخير.

اللهم بلغ بنا دينك ، وعلمنا مرادك من كتابك وسنة رسولك سيدنا محمد ﷺ ، وأرزقنا الأدب معك ومعه ﷺ ، وخذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك ، وأقمنا في مقام الوراثة المحمدية ﷺ الكاملة مع كمال اللطف والعافية 

اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ


وصلة القنوات الشاملة الخاصة بالسلوك

https://t.me/addlist/SyegxTeGNh04Mzk0


#الطريقةالمحمديةالعلية الهاشميةالشريفة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال