الفرق بين الحضور القلبي والغفلة اثناء الذكر والعبادة


اعلم ايها الفقير الى ربه وفقك الله وهداك اليه 

 إن من يدخل على الله تعالى (بحضور القلب) تتجلى عليه تجليات جمالية من حضرة الجمال 

فيكون بها الإطمئنان والأنس والأمن الناتج من استشعار معية الحق للعبد بنعوت الرحمة والألطاف والكرم والضيافة 


وإن من يدخل على الله تعالى (بحضور نفسي وغفلة) تتجلى عليه واردات جلالية من حضرة الجلال 

(قهر من الله الجبار )؛ فيكون تجلي الجلال دائم الهيبة  والقهر والجلال والقوة والعظمة مهيمن على قلب هذا العبد


وهنا  نقطة مهمه 

فاذا دخلت الحضرة الجمالية وهي دخولك اياها بقلبك 

اي 

 ( بحضور قلبي) 

وهو أن يحضر الإنسان ما يفعل وما يقول، فإن قلب الإنسان عرضة لأن يذهب به الشيطان، فإذا فعل كثيراً من أنواع العبادات ولم يكن حاضراً لها كانت جوارحه خيراً من قلبه؛ فكان معكوساً منكوس الفطرة، فالأصل أن القلب إذا صلح صلحت الجوارح، وإذا فسد فسدت، كما في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).

ولا يكتب للإنسان من عمله إلا ما حضره، فقد يؤدي الإنسان 

المجالس والنوافل بحضور قلب وتأهب وخشوع لأنها أقل نورانية من الفرائض 

ويغفل عما فرض الله عليه من العبادات والصلوات المفروضة فمثل هذا يضيع على نفسه النفع الكبير فالنفع الكبير لا يكون إلا بما فرضه الله عليك اولا 

[وانتبه الذي لا يحضر في الفرائض والصلوات حضور قلبياً  ويجاهد في بقية المجالس ليحضر قلبياً يفوته النفع الكبير لأن النفع الكبير يكون الا في ما فرض الله عليك]


فإذا كنت تحضر مجالس الذكر بحضور قلبي وكنت في صلواتك المفروضة بقلب لم يكن حاضراً لها وكانت مجالس الذكر أفضل منها فأنت مستهتر معكوساً تأتي بالأمور على غير الفطرة،

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ما يشغل عن الحضور في الصلاة، ومنها فقال: (لا صلاة بحضرة الطعام)، وذلك أن قلوب كثير من الناس تشتغل بالطعام، وبالأخص عند الحاجة إليه، فلا تحضر في الصلاة، لان توجه ذهنه للطعام سيذهب حضوره في الصلاة ولم يقبل على الله، ولم يدخل في الصلاة أصلاً، فما زال منشغلاً فيما كان منشغلاً به وهؤلاء لم تنفعهم صلاتهم شيئاً ولن تزكيهم، فلا هي تنهاهم عن الفحشاء ولا المنكر، 

وانتبه ان تحبسكَ نفسك عن حضور القلب في الصلاة لئلا يطول عليها الوقف فتنهاك عن الخشوع والتأني والراحة فيها 

فإذا فهمت ذلك عليك بمجاهدتها

ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا}


فعلم أخي السالك أنه إذا نزلت عليك تجليات الحضرة الجمالية  

 ستنعم بإنعام الكرم الإلهي والضيافة الربانية مافيه عجبا عجابا لم ترى مثيله

ولعل من اللافت أن تجد رد فعل السالكين لهذا الكرم ولهذه الضيافة الربانية ما تستحي منه العقول …

فإياك أن تظن بأن هذه الهدايا أحد إنجازاتك او أن لك الأفضلية على باقي الخلق فهذه الواردات والهدايا تعطى لكل من حضر قلبه مع الله .

 فإياك ان تظن ان هذا الكرم لأنك تستحق لا تغتر ولا تعجب به واحذر واخشى ربك واياك والنظر الى نفسك على انك مميز عن غيرك ومختار دونهم.

فلا تتعجب بما يهبه الخالق الكريم للساعي السالك في طريق السير من نعم الرب الرحمن ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) 


فالله هو اكرم الاكرمين فأذا  دخلت على حضرة الملك سيعاملك على قدره لا على قدرك فافهم ولاتظن بنفسك الظنون وانك تستحق بل انت عبد ذليل فقير محتاج إليه .

فاعلم ايها العبد المسكين ان دخولك للعبادة بحضور غافل 

سيعود عليك بخسران جميع الواردات وأنوار وثمرة العبادة 

فلا تستفيد منها شيء وتسلط النفس عليك بالوساوس والهموم والأحزان 

فتخرج من الحضرة كما دخلت اليها  هباءا منثورا 

فاحذر من الغفله ومن حضرة الملك القهار واخشع في العبادة 

ولا تنشغل بغيرها لتنال خير الدنيا والآخرة 


والله ولي التوفيق 

أخي المستمع لاتنسى أن تصل وتسلم على النبي محمد وعلى آل محمد 

1 تعليقات

أحدث أقدم

نموذج الاتصال