قسم القشيري الذكر إلى قسمين :
ذكر اللسان، وذكر القلب، فذكر اللسان يصل به العبد إلى استدامة الذكر القلبي، فإذا كان العبد ذاكرًا بلسانه وقلبه؛ فهو الكامل في وصفه في حاله وسلوكه، وقد قيل عن الذكر القلبي إنه سيف المريدين، به يقاتلون أعداءهم، وبه يدفعون الآفات التي تقصدهم.
والذكر فضيلة من أسمى الفضائل التي حثَّ عليها القرآن والسنة المطهرة، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالذكر وقرنه بالكثرة، ولم يشترط ذلك في غيره من وسائل الأعمال، كما أثنى على الذاكرين من المؤمنين.
ومن خصائص الذكر أنه غير موقوت بوقت، فما من وقت من الأوقات إلا والعبد مأمور بذكر الله تعالى إما فرضًا وإما ندبًا، والصلاة وإن كانت من أشرف العبادات فقد لا تجوز في بعض الأوقات، والذكر بالقلب مستدام في عموم الحالات، كما أن خصائص الذكر هي الحضور في الحضرة الإلهية، فقد قال رسول الله (صلة الله عليه وسلم ) قال الله سبحانه تعالى : " أنا جليس من ذكرني "، وقال الله تعالى : " أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم "(<!--) وقال سبحانه تعالى : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ " [ سورة البقرة : آية 152 ] .
ومن ثم أرجع أهل الطريق تسميتهم للذكر باسم الحضرة إلى المثول في حضرة الله سبحانه وتعالى اقتداءً بحضرة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وكذلك ترجع التسمية إلى محاولة تخلص المريد أو المتصوف من العالم الدنيوي حتى يتم له الحضور مع الله عز وعلا، ولذلك يفضل تسمية هذا الذكر الجماعي باسم الحضرة عندهم.
والحضرة من أهم الممارسات الجماعية لدى الصوفية واهل الله وأكثرها تأثيرًا في الرَّبط بين أفراد الجماعة، وتوثيق علاقة المحبة بينهم، بالإضافة إلى دورها الفعال في التأثير على كل فرد على حدة إذ ترتبط بأسماء الله الحسنى، وبكل ما يتصل به من تسبيح وتعظيم، فهي جلاء للقلوب وتصفية للنفوس، وضرورية للفرد بنمطيها الفرد والجماعي.
والله ولي التوفيق
جزاكم الله خيرا
ردحذف