سلوك طريق اهل الحق وبعد فإن سلوك طريق الحق من أخلاق الأنبياء والمرسلين ، وخلاصة عباد الله الصالحين ، الذين قال في حقّهم رب العالمين :" إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ " ، وهو أمر ممكن متين على من يسّره الله عليه وهم النطف الطاهرة أصحاب الاستمداد الكاملة ، والطباع السليمة الذين لا رغبة لهم في لذات الدنيا ولا نهيم الآخرة ، قلوبهم متوجهة نحو مليكهم لا يسكنون إلا لذكره ، ولا يتقوتون إلاّ بتلاوة اسمه ، يراعون الظلال بالنهار ، ويحنون لغروب الشمس كما يحنّ الطير إلى الأوكار ، فإذا جنّ الليل واختلط الظلام ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، نصبوا لمحبوبهم أقدامهم ، وفرشوا له وجوههم ، وناجوه بكلامه ، وتملّقوا له بإنعامه ، بين صارخ وباك ، وبين متأوه وشاك ، وبين قائم وقاعد ، وبين راكع وساجد ، باعوا لذّات الحوّاس الظاهرة بما ظهر لهم بالبصائر الباطنة . وهو أعني سلوك طريق الحق متعسر على من هبط إل سجن الطبيعة ، وأسفل السافلين ، فانخرط في سلك الحيوانات وانحبس في قفص العادات ، واصْطِيدَ في شبكة المخالفات ، ولم يصبه شيء من النور الذي ألقاه الله على عباده حين خلق الخلق في ظلمة كما جاء في الحديث ، يعني ظلمة الطبيعة فبقوا على ضلالهم فلم يهتدوا إذاً أبداً .
وهذا الطريق منازل معلومة عند أهله يقطعها السالك واحدة بعد واحدة ، إلى أن يصل إلى آخرها ، فينقطع السلوك ولا تنقطع التجليات لأنها لا آخر لها ، وهذا معنى قول الشيخ :" إن الترقي لا ينقطع ولا بعد الموت " فحال هذا السالك في قطع هذه المنازل كحال المسافر في قطع مراحل الطريق ، فكما يحتاج المسافر في سفره إلى الدليل العارف بالطريق والزاد والراحلة ، والرفاق والسلاح لملاقاة العدو وإرهابه ، فكذلك هذا السالك لابدّ له من مرشد عارف بهذا الطريق ، قد سلكه وعرفه وعرف خيره وشرّه ، ولا بدّ له من زاد وهو التقوى ، ولا بدّ له من راحلة وهي الهمّة ، ولا بدّ له من رفاق وهم إخوانه الطالبين مطلبه ، ولا بدّ له من سلاح وهو الأسماء ليرهب به عَدُوّيْه ، وهما الشيطان والنّفْس ، وكما أنّ المسافر يمرّ على بلاد ومدائن ويقيم فيها ، ثم يرحل عنها متوجّها إلى مطلبه ، كذلك السالك يمُرّ في سَيره على المقامات المشهورة ، بين أهل الله تعالى ، وهي سبعة :
الأولى : مقام ظلمات الأغيار ، وتسمّى النفس فيه بالأمّارة .
الثاني : مقام الأنوار وتسمى النفس فيه باللوّامة . الثالث : مقام الأسرار وتسمى فيه بالملهمة .
الرابع : مقام الكمال وتسمى النفس فيه بالمطمئنّة .
الخامس : مقام الوصال وتسمى النفس فيه بالراضيّة .
السادس : مقام تجليات الأفعال وتسمى النفس فيه بالمرضيّة.
السابع : مقام تجليات الصفات والأسماء وتسمى النفس فيه بالكامِلَة.
وكلّما كان الإنسان في مقام من هذه المقامات كان محجوباً به عمّا بعدَه ، فمن كان في المقام الأول فهو محجوب بالأغيار ، عن مشاهدة الأنوار ، ومن كان في الثاني فهو محجوب بالأنوار عن الأسرار ، ومن كان في الثالث فهو محجوب بالأسرار عن الكمال ، ومن كان في الرابع فهو محجوب بالكمال عن الوصال ، ومن كان في الخامس فهو محجوب بالوصال عن تجليات الأعمال ، ومن كان في السادس فهو محجوب بتجليات الأعمال عن تجليات الأسماء والصفات ، ومن كان في السابع فهو محجوب بتجليات الصفات والأسماء وتجلي الذّات ممتنع لأنه يعطي ظلمة كالنظر إلى الشمس . فإن الناظر إليها لا يبصر شيئاً ، ولذلك قالوا : إن الله لا يتجلّى من حيث ذاته على الموجودات إلاّ من وراء حجاب من حجب الأسماء فحينئذ أعلا المقامات تجلّي الأسماء وتجلّي الصفات.
والله ولي التوفيق
أخي القاريء لاتنسى أن تصل وتسلم على النبي محمد وعلى آل محمد
بارك الله فيكم على كل المجهودات على تعليمنا وانارة طريقنا ونحمد الله ان رزقنا بكم لتعلموننا ثبتكم الله وآواكم وجعل الجنة مثواكم والفردوس مجمعكم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا
ردحذفبارك الله فيكم .. وفي طرحكم .. وسعيد بانضمامي لقناتكم
ردحذفكلام جميل احببته بارك الله لكما ورزقني وياكم والمسلمين بلعم للنتفع به وننفع به والصلاة والسلام عل أشرف خلق
ردحذفصل الله عليه وسلم عليه أفضل السلام ❤️❤️🤍🤍🌹🌹
بارك الله فيكم اللهم من لنا العون والسند في معرفتك والتقرب إليك يا حنان يامنان ياذاالحلال والاكرام
ردحذف