الخلاف بين الناس على حقيقة وأداء النوافل في العبادات حسب درجاتهم



تتعامل الناس مع الفريضة والنفل بصورة غير الحقيقة التي قدرت عليها 

فقد قضى الله سبحانه وتعالى الفرائض على الأمة بأسرها موجبة مكتوبة عليهم في كل درجاتهم ويحاسبون عليها، إذ لا يقبل منهم دينهم بدون قيامهم بالفرائض .. وماذا عن النوافل!!؟


"النوافل" فيها سر، نعني أنه في أول الدرجات لا يكون إسمها إلا نافلة أو سنة أخذت بها أم لم تأخذ لا حرج عليك.. المهم أنك تؤدي فرضك 

لكن هذه النافلة من هذا المنظور تتغير من شخص لآخر تبعاً لدرجة القرب تأكيد قوله تعالى في الحديث القدسي ما زال عبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه!

إذن، النوافل عند أهل درجات القرب تعادل الفريضة!! 

نعم، لدرجة أنهم يقضون هذه النافلة إن فاتتهم!!

*فمثال ذلك: رجل فُتح عليه بسبب ورد من القرآن كريم مداوم عليه يقرأ 15 جزءًا في اليوم، ففتح الله عليه بهذه النافلة درجة عالية من درجات القرب 

"ما زال عبدي تقرب إلي بالنوافل ((بالنوافل)) حتى أحبه!" إذن، فالنوافل هي من شروط القرب والمحبة الإلهية 

وبالتالي فهذا الإنسان الذي فتح عليه وصار من المقربين إلى الله تعالى بهذه النافلة لم يكن على شيء أشد تعهدا من هذه النافلة فهي عنده فريضة لا محالة أي صارت عنده بدرجة الفريضة حتى يبقى بدرجته، ويحافظ على قربه من الله تعالى.. ولذلك إن فاتته يقضيها

وهذا حاله دون غيره من المسلمين الأدنى منه في الدرجة أو من ليسوا من المقربين أو من هو على درجة قرب أقل منه يأتي بنافله أخرى على نفس التعهد، فمثلاً قد يسبح ألف مرة في اليوم.. فبتالي هذا التسبيح جعله في حالة قرب إلى الله سبحانه وتعالى بدرجة ما،

فهذا الورد هو من شروط القرب إلى الله يعني هو فرض في درجته وإذا أهمله أو تركه يخرجه من درجة القرب التي وصل إليها وهذا لا يعني خروجه من الإسلام وأنما يرجع إلى الدرجات الأدنى

لذلك فهذه النافلة تصبح عند صاحب درجة القرب هذه كالفريضة لا يقدر على تركها ولا يقدر دون قضائها حرصاً منه على بقائه في درجته ولسان حاله يقول هذه النافلة عندي كالفريضة في درجة قربي

قد يكون الإنسان يرى أن النافلة بالنسبة له شيء قدسي لا يتوانى فيه وآخر يقول له: لما كل هذا التعهد إنما هي سنة! 

يا أخي هي سنة عندك وفريضة عندي! في درجتي 

نعم، هي بالنسبة لك سنة لا بأس عليك في تركتها

وهذا المفهوم بالطبع لا يدركه الناس وقد وجب توضيحه 

ونلخص ما ذكرنا ونقول: إذا أنكر عليك أحد تمسكَك بسنة ما فذكره أن القروبات إلى الله تعالى بالنوافل، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: .. ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه 

فإذا حزت على مقام قرب إلهي وفتح عليك بتلك النافلة فهل هذه النافلة تكون عندك سنة أما فرضية حتى تبقى في هذا القرب؟! ففهم رحمك الله 

وقد جعل الله لعباده المقربين رخص يتداركون بها ما فاتهم من نوافلهم وهذا ما ورد في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول مَن نامَ عن حِزْبِهِ، أوْ عن شَيءٍ منه، فَقَرَأَهُ فِيما بيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وصَلاةِ الظُّهْرِ؛ كُتِبَ له كَأنَّما قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ. رواه مسلم، وكما دلَّت عليه الرِّوايةُ الموقوفةُ عندَ النَّسائيِّ: «مَن فاتَه حِزبُه مِن اللَّيلِ»

ولماذا تقضي السنة .. والله تعالى لم يفرضها؟!

لأن هذه السنة أو النافلة نال بها الإنسانُ مقربة من الله وإذا إسقاطَها سقطت منه درجته

لذا إشار الحديث إلى الحثِّ على قضاء النوافل؛ رخصة من الله لعباده المقربين يتداركون بها ما فاتهم من نوافلهم 

فأنظر إلى درجة القرب الإلهي والمحبة الإلهية كم هي متعلقه بهذا العمل! الذي هو سنة في نظرك؟ وفي الحديث لمحة إلى لطف اللهِ بعبده حتى يديم عليه حال القرب والحب فرخص لهذا النفل أو لهذا البر الذي أوصله إلى درجات القرب القضاء حتى لا يخسر الدرجة

- إنَّ اللَّهَ قالَ في الحديث القدسي : مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ.

ومن هذا الحديث فإن الإنسان إذا واضب على نفل مِنَ النوافل مع قيامه بالفرائض، نال محبة الله، فيحِبه الله، وإذا أحبه كان الله سبحانَه سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يَبطِشُ بها، ورِجْلَه التي يَمْشِي بها، يعني أنَّه يكونُ مُسَدِّدًا له في هذه الأعضاءِ الأربعةِ؛ يُسَدِّدُه في سمعِه، فلا يَسمَعُ إلَّا ما يُرضِي اللهَ، ويُسَدِّدُه في بَصَرِه، فلا يَنظُرُ إلَّا إلى ما يحِبُّ اللهُ النَّظَرَ إليه، ولا ينظُرُ إلى المحَرَّمِ، ويُسَدِّدُه في يَدِه، فلا يعمَلُ بيَدِه إلَّا ما يُرضي اللهَ؛ لأنَّ اللهَ يُسَدِّدُه، وكذلك رِجْلُه، فلا يمشي إلَّا إلى ما يُرضي الله؛ لأنَّ اللهَ يُسَدِّدُه، فلا يسعى إلَّا إلى ما فيه الخيرُ. وإن سأل اللهَ شيئًا فإنَّ اللهَ يعطيه ما سأل، فيكونُ مُجابَ الدَّعوةِ، ولئنِ استعاذ باللهِ ولجأ إليه طلَبًا للحمايةِ، فإنَّ اللهَ سُبحانَه يُعيذُه ويحميه ممَّا يَخافُ.

والله ولي التوفيق

أخي القارىء لاتنسى أن تصلي وتسلم على النبي محمد وعلى آل محمد

اللهم صل وسلم على النبي محمد وعلى آل محمد


1 تعليقات

أحدث أقدم

نموذج الاتصال