《 شاهد مشاهدته لك .. ولا تشاهد مشاهدتك له》
فما معنى هذه العبارة بإختصار ؟
الشق الأول منها 《 شاهد مشاهدته لك 》
هو أن ترى عنايته بك حيث تكرّم عليك بالإيجاد
فقد خلقك وأوجدك من عدم
《 وقد خلقتك من قبل ولم تَكُ شيئا》
ثم اصطفاك من بين البشر وجعلك من أهل الإسلام
ثم زاد مِنّتهُ عليك بأن عرّفك طريق الصفوة من عباده
المُعبر عنه بقوله 《 ولقد مننا عليك مرة أخرى 》
وهو عزوجل معك في كل حالاتك سواء كنت
من عوام الناس أو من الخواص أهل الإحسان
لأن معيّته نوعان ..
النوع الأول : للعوام
وهى قوله《وهو معكم أينما كنتم》
النوع الثاني : للخواص
《وإنّ الله لمع المحسنين 》
ثم انظر فضله الواسع عليك وعطفه الواصل إليك
فهو لا يغفل عنك أبدا ، لكنك أنت تغفل عنه
يقول العارف بالله أبو مدين الغوث قُدّس سره
( كان قلبى عنه غافل ، وهو لا يغفل عنى )
فإذا كان هذا الإله العظيم بهذه الرحمات
فكيف يتسنى لك أيها الضعيف الحقير الاشتغال بسواه؟!
وكيف تتوقف عن ذكره وشكره ومناجاته وخدمته ؟!!
قف على أعتاب حضرته المقدسة
وقل : إلهى وسيدى ما أعظم جهلى !
وما أرحمك بى مع قبيح فعلى !
ما أقربك مِنّى !! وما أبعدنى عنك !!
ما الذى يحجبنى عنك إلا شهواتى ونفسى ؟!
رزقتنى وسترتنى وأكرمتنى ولاطفتنى وحفظتنى !!
إذا مرضت شفيتنى ، وإذا دعوت أجبتنى !!
وإذا هربت إليك رددتنى ، وإذا عصيت رحمتنى!!
فبهذا أنت تشاهد مشاهدته لك ..
الشق الثاني 《لا تشاهد مشاهدتك له》
مشاهدتك له هى من الشرك الخفى
إذ أنك تُثبت أفعالك وهذا يعنى بُعدَك عن مقام القُرب
رؤيتك لأعمالك توجب حرمانك وقطيعتك
ألا ترى قارون لما قال عن عطايا الحق له
《 قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي 》
فماذا كانت النتيجة ؟
قال تعالى 《فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ》
فلا تكن قاروني الحال فتُحجب عن الكبير المتعال
ويخسف بك من أرض الوصال إلى أرض القطيعة
فيا حبيب : أخرج من أوصافك تصل إلى أوصافه
تحقق بالفناء عن نفسك تبقى بمولاك .
كان القطب الكبير
أبا العينين سيدي/ إبراهيم الدسوقي ..قدّس الله سره
يقول : احذر يا أخي أن تَدّعي أن لك معاملة خاصة
واعلم أنّك ان صُمّت فهو الذي صَوّمك
وإنّ قُمتَ فهو الذي أقامك
وإن عملت فهو الذي استعملك
وإن رأيت فهو الذي أراك
وإن شربت شراب القوم فهو الذي أسقاك
وإن ارتفعت فهو الذي رقى منزلتك
وإن نِلت فهو الذي نوّلك
وليس لك في الوسط شيئ إلاّ
أن تعترف بأنك عاص ما لك حسنة واحدة
وهو صحيح : من أين لك حسنة و هو الذي أحسن اليك
و هو الحاكم فيك ، إن شاء قَبِلَك و إن شاء ردّك .
والله ولي التوفيق
أخي القارىء
لاتنسى أن تصلي وتسلم على النبي محمد وعلى آل محمد