*الدعاء*



*الدعاء* :


بيان ما يُسَن للمسلم فعله إذا أراد أن يدعو، فمن السنن:


📌أن يدعو وهو على طهارة: لحديث أبي موسى له في الصحيحين، وقصته مع عمه أبي عامر ، حين بعثه النَّبيُّ ﷺ على جيش أوطاس، وفي الحديث قتل أبو عامر الله، وأوصى أبا موسى الله أن يُقرى النبي السلام، ويدعو له، قال أبو موسى: «فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرْنَا وَخَبَر أَبِي عَامِرٍ، وَقُلْتُ لَهُ: قَالَ: قُلْ لَهُ: يَسْتَغْفِرْ لِي، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ بِمَاءٍ، فَتَوَضَّا مِنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدِ، أَبِي عَامِرٍ ، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ مِنَ النَّاسِ¹.


📌 استقبال القبلة: عن عبد الله بن عَبَّاس قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، نَظَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفُ ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثمَائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشْرِ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكُ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلَامِ لَا تُعْبَدُ فِي الأَرْضِ». فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَاذَا يَدَيْهِ، مُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتَكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سِيَنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ..²


📌رفع اليدين.

ويدل عليه حديث ابن عباس رضي الله عنه السابق، وفيه: «فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ»، والأحاديث لهذه السنة كثيرة.


📌البدء بالثناء على اللهﷻ، والصلاة على رسوله ﷺ:


لما رواه الترمذي، عن فَضَالَةَ بن عُبَيْد الله قال : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدُ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ عَلَيَّ، ثُمَّ ادْعُهُ³.


📌دعاء الله تعالى بأسمائه الحسنى:


فيختار من أسماء الله الحسنى ما يلائم دعاءه ويوافقه؛ فإذا سأل الله - سبحانه - الرزق قال: يا رزاق، وإذا سأله الرحمة، قال: يا رحمن يا رحيم، وإذا سأله العزة، قال: «يا عزيز، وإذا سأله المغفرة، قال يا غفور»، وإذا سأله شفاء قال: «يا شافي». وهكذا يدعو بما يناسب دعاءه؛ لقوله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا. [الأعراف: ۱۸۰].


📌تكرار الدعاء، والإلحاح فيه: وبدل عليه حديث ابن عباس الذي تقدم حيث قال النَّبِيُّﷺ: اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، وما زال يهتف بربه تعالى حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وأبو بكر يلتزمه ويقول له: «يا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَا شَدَتَكَ رَبَّكَ»⁴.


وكذلك ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة حينما دعا النبي ﷺ لدوس، فقال: «اللهم اهْدِ دَوْسًا وائتِ بهم، اللهم اهْدِ دَوْسًا وائت بهم⁵».


وكذلك ما جاء في صحيح مسلم، في: «الرَّجُلُ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ، يَا رَبِّ ⁵، وهذا تكرار فيه إلحاح.


والسنة أن يدعو ثلاثا؛ لحديث ابن مسعود الله في الصحيحين، وفيه: وَكَانَ إِذَا دَعَا، دَعَا ثَلاثًا ، وَإِذَا سَأَلَ، سَأَلَ ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ⁶».


📌 إخفاء الدعاء: 

لقوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ [الأعراف: 100]


وإخفاء الدعاء أقرب للإخلاص، ولذا امتدح الله زكريا عليه السلام، فقال: قوله: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا } [مريم]. طلبا للإخلاص على أحد أقوال أئمة التفسير.


📌 فائدة: ربما يسأل البعض ماذا أقول في دعائي؟


فالجواب: ادع بما تريده من أمور الدنيا والآخرة، واحرص في دعائك على جوامع الكلم، وهي الأدعية الواردة في الكتاب والسنة، ففيها سؤال خيري الدنيا والآخرة، وتأمل هذا السؤال حين عرض على النبي ﷺ فأجاب بكلمات عظيمات، تجمع للمسلم الدنيا والآخرة، فما أعظمها من بشارة، وما أجزلها من عطية، فتمسك بهن وتدبرهن.


عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه : أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيﷺ وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي ؟ قَالَ: قُلِ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي، وَيَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلَّا الإِبْهَامَ: «فَإِنَّ هَؤُلَاءِ نَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ»⁸. 


وفي رواية له: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ ﷺ الصَّلَاةَ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي⁹»


📌 فائدة أخرى:

يُسَن للإنسان أن يدعو لأخيه بظهر الغيب، فهي دعوة مستجابة بإذن الله تعالى، وللداعي فضل عظيم، وهو ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللهﷺ: دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لَأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلِ¹⁰.


والله ولي التوفيق 


📚¹) رواه البخاري، ومسلم

📚²) رواه مسلم

📚³) رواه الترمذي

📚⁴) رواه مسلم

📚⁵) رواه مسلم

📚⁶) رواه مسلم 

📚⁷) رواه البخاري

📚⁸) رواه مسلم 

📚⁹) رواه مسلم 

📚¹⁰) رواه مسلم


────────────────

والله ولي التوفيق

أخي القارىء 

لاتنسى أن تصلي وتسلم على النبي محمد وعلى آل محمد

اللهم صل وسلم على النبي محمد وعلى آل محمد 








إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال