مراتب ذكر الله تعالى
الإشارة: قدَّم الحق الذكر على الفكر على ترتيب السير، فإن المريد يُؤمَر أول أَمرِهِ بذكر اللسان، حتى يفضي إلى الجنان، فينتقل الذكر إلى القلب، ثم إلى الروح، وهو الفكر، ثم إلى السر، وهو الشهود والعيان، وهنا يخرس اللسان، ويغيب الإنسان في أنوار العيان.
فإذا بلغ العبد هذا المقام - الذي هو مقام الإفراد - اتحدت عنده الأوراد، وصار ورداً واحداً، وهو عكوف القلب في الحضرة بين فكرة ونظرة، أو إفراد القلب بالله، وتغيبه عما سواه. قال في الإحياء في كتاب الأوراد: الموحد المستغرق الهم بالواحد الصمد، الذي أصبح وهمومه هم واحد، فلا يحب إلا الله، ولا يخاف إلا منه، ولا يتوقع الرزق من غيره، ولا ينظر في شيء إلا يرى الله فيه، فمن ارتفعت رتبته إلى هذه الدرجة، لم يفتقر إلى ترتيب الأوراد واختلافها، بل ورده بعد المكتوبات ورد واحد، وهو حضور القلب مع الله في كل حال، فلا يخطر بقلبه أمر، ولا يقرع سمعه قارع، ولا يلوح لنظره لائح، إلاَّ كان له فيه عبرة وفكرة ومزيد، فلا محرك ولا مسكن إلا الله. فهؤلاء جميع أحوالهم تصلح أن تكون سبباً لازديادهم، فلا تتميز عندهم عبادة عن عبادة، وهم الذين فرّوا إلى الله كما قال تعالى: { ففرّوا إلى الله } ، وتحقق فيهم قوله: { إني ذاهب إلى ربي } ، وهذه الدرجة منتهى درجة الصديقين، ولا ينبغي أن يغتر المريد بما يسمعه من ذلك، فيدعيه لنفسه، ويفتر عن وظائف عباداته، فذلك علامته ألا يحس في قلبه وسواساً، ولا يخطر بقلبه معصية، لا يزعجه هواجم الأحوال، ولا يستفزه عظائم الأشغال، وأنى تكون هذه المرتبة!
والله ولي التوفيق
أخي القاريء لاتنسى أن تصل وتسلم على النبي محمد وعلى آل محمد
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
ردحذفجزاك الله خيرا
ردحذف