حديثنا اليوم عن الطريقة وأهل الطريقة


 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ


حديثنا اليوم عن الطريقة وأهل الطريقة


من المُلاحظ سبحان الله أن الكثير الكثير من السالكين وغير السالكين من عامة الناس من أهل الشريعة الظاهرة من يفهم الطرق إلى الله تعالى مفهوماً خاطئاً، ولا نعني الحديث عن الطرق التي هي أساساً قد خرجت عن الشريعة المحمدية فحسب ولكن سنتحدث 

عن الطرق التي تتبع الكتاب والسنة أو أنها تسير على الشرع المحمدي.


كما هو معلوم أن هناك طرق خرجت عن الشريعة المحمدية الأصل حقيقةً وابتدعوا لأنفسهم منهجًا خاصًا لذلك حدث نوع من أنواع الخلل والفتن في منهج الطرق..


والناس بطبيعة الحال بدأوا بالتفكير والاعتقاد أن معنى الطرق الصوفية هو شيء خارج عن ما جاء به رسول الله ﷺ، وطبعاً قد تولد هذا الفهم بسبب أن الطرق قد شوهت الصورة الحقيقية لمعنى الطريق إلى الله تعالى 

فالناس تتسائل مستغربة

ماذا تعني الطريقة ؟ هل هو شرع جديد؟

 هل هو منهج جديد؟ هل هي أدعية جديدة ؟


فمن أصابه هذا التشويش وتشوهت صورة الطرق بعقله ذلك لأن الطرق وللأسف الشديد جعلوا لأنفسهم كما لو يقال عنصرية كل طريقة جعلت لها أوراد وأذكار وأدعية خاصة بهم، ومعظمها خارج عن الشريعة الظاهرية 

أو الشريعة المحمدية، كالدعاء للشيخ الفلاني ودعاء الإمام الشاذلي ودعاء الإمام القاضي ودعاء الإمام الرفاعي ودعاء الإمام علي رضي الله عنه، نعم لا ننكر أنها أدعية عظيمة ولا بأس أن يقتدي الانسان بشيخه ولكن لا يمكن لأحد أن يعلو على رسول الله ﷺ

 فالسؤال هنا لهذه الطرق لماذا لم تُعلم مريديها أدعية النبي صل الله عليه وسلم التي جاء بها ؟؟!! 


لماذا يعلمونهم أموراً خارج

 نطاق الشريعة الظاهرية ؟!!


 فهذه المخالفة قد أدت إلى تشويه سمعة الطرق

ليس الغرض من هذا الحديث أن نُخطِّئ المشايخ الكرام، فقد يكون للشيخ الفلاني دعاء يحب أن يدعو به بينه وبين ربه وقد يجد على ذلك الدعاء أثر الاستجابة فرغب في تعليمه لغيره فلا يمنع ذلك ولكن لا يعني أبدًا أن يتخذه المريد كمنهج يلتزم به كأنه ورد أو شيء منزل من الوحي لا يمكن التخلي عنه، فهذا هو الخلل الذي دخل فيه أهل الطرق،

فيوجد الكثير منهم من خرجوا عن أدعية وأذكار النبي ﷺ واكتفوا فقط بأدعيتهم وأورادهم، على سبيل المثال أن رسول الله ﷺ علمنا التسبيحات بأعداد معينة 

فمثلاً للتسبيح كما هو مذكور كـسبحان الله وبحمده بعدد مائة مرة في الصباح ومثلها مائة مرة في المساء وذكر التوحيد بعدد مائة مرة وهكذا، فنبينا صلوات الله وسلامه عليه وضع لنا هذه الأعداد أساساً كي لا يشقّ على أمته، ثم تجد أهل الطرق يضعون أعداداً ضخمة لا تقل عن خمسين ألفاً أو سبعين ألفاً فالنبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره..


ولكن السؤال من أين أحضروا هذه الأعداد وعلى أي أساس ؟! 

 فبالتالي تُعتبر هذه الطرق قد ضلت عن

 اتباع المنهج النبوي الشريف، فهذا الخلل سبب نوع من أنواع الحرب على أهل التصوف لذلك لو أنهم ساروا على الطريقة الصحيحة واتبعوا المنهج المحمدي تماماً الذي هو من الله سبحانه وتعالى ومن رسوله صل الله عليه وسلم بإشراف شيخ الطريقة الذي قد يكون وارثًا محمديًا متَّبعًا للنبي صلى الله عليه وسلم في الباطن عند ذلك لن يحدث هذا الخلل ولن يحدث هذا التشويه، إذ أن معنى الطريقة ليس أن تكون شرع أو منهج جديد 

ولكن الطريقة هي إتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم .


تتراود الاسئلة من عامة الناس أو حتى السالكين عن ما هي الطريقة وما ضرورتها بما أن لديهم الكتاب والسنة فهل إن لم يدخلوا في الطريقة سيكونوا منافقين أو كافرين ؟!

سيقولون أنهم يفعلون أذكار النبي ﷺ ويصلون ويصومون وما إلى ذلك..

والجواب لهم : أن نعم هم لم يخرجوا عن الشريعة صحيح ولكن هناك شيءٌ يُسمى "الجماعة" ومعنى "الطريقة" أي "الجماعة"

فالجماعة دائما ما تكون عليها عناية خاصةمن الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن الله دائما مع الجماعة..

فتجد من الناس من يعبد الله تعالى بمفرده مقتنعًا بأن لا شغل لأحد به فلماذا ينضم للجماعة وللطريقة كونه يمشي على الكتاب والسنة ؟! بل ينفرد ويجلس وحيداً يعبد الله بمفرده ويفعل الذي يريده حسب مزاجه وحده..

 فنقول له: بطريقتك هذه لن تستطيع الوصول إلى الله، لأن الصاحب ساحب، فعندما يدخل الإنسان إلى طريق السلك يلتزم مع الجماعة وهؤلاء الجماعة كلما غفلت قليلا نبهوك وكلما انشغلت يذكروك فهذه هي فائدة الطريق..

وللعلم؛ أن الطريقة ليست شيئاً خارجاً عن الشرع أو أنه شيء مختلف عن الشريعة المحمدية، لا طبعاً

هي الشريعة المحمدية بذاتها ولكن مع صحبة صالحة ومرشد صادق، مرشد متبع لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم ووراثاً محمديّاً يوجه المريدين ويعلمهم 


فبالتالي من يدخل طريق السلك حتماً سيصبح ملتزماً أكثر كما لو تكون بمفردك وتتعلم بشكل عشوائي فإذا دخلت مدرسةً انتظمت والتزمت، كذلك الحال في الطريق، حتى أن الطريق والسلك إلى الله تعالى هو بحد ذاته مدرسة، اي أن دخولك للطريق هو عبارة عن ضبط الالتزام اي لتكون دائما في حالة التزام مع الجماعة كي لا تغفل ولا تشرد بعيدًا، ولكن عندما لا يكون لديك رابطة تجمعك، ستجد كل شخص منشغل بالدنيا ذاهب إليها ولم يبقى له مذكر ولا معلم ولا صاحب يذكره ولم يعد لديه رفيق ليذكروا بعضهم، فهل فهمتم الآن ما فائدة السلك إلى الله تعالى مع الجماعة ؟.


عندما يسير الناس مع بعضهم البعض في جماعة تكون العناية عليهم من الله سبحانه وتعالى أكثر من الذي يمشي منفرداً بنفسه


فالجماعة تحفهم الملائكة حتى النبي صلى الله عليه وسلم روى أحاديث كثيرة عن مجالس الذكر كيف تحفهم الملائكة وأن الله دائما مع الجماعة


فيجب على الناس أو المسلمين أن يكونوا أخوة فمن يرفض الطريقة ولا يرى سبباً لانضمامه بها ويفضل أن يعبد الله وحده 

فليعلم أنه في الآخر سيخسر أموراً كثيرة

وسيكون متأخراً ولن يكون هناك من يذكره إ غفل ولن يكون لديه معلم أو مرشد ولن يكون لديه رفيق يعينه ويساعده


لو أن المُريد السالك في الطريق تُرك ليوم واحد من دون مرشد وبدون الجماعة سيتراجع، ما السبب ؟! من أين أتى الخلل ؟ لتبسيط الفهم والفكرة عليك أن تعتبرها أنها كالالتحاق بالتجنيد والعسكرية والانضباط فيها كانضباط الجيش، فمن يكون في الجيش يكون منضبطًا فإذا غاب عنه قائد الجيش تراخى العسكر ويحدثون الخلل ويسببون الضعف في المجموعة وهكذا فكرة الطريق لا أكثر، اي أن الطريقة ليست منهاجاً جديدًا أو ديناً حديثاً أو شرعاً محدثاً لا أبداً ليست كذلك بل هي أوراد النبي ﷺ وأذكار النبي ﷺ وسنن النبي ﷺ وهدي النبي ﷺ ولكن فقط مع "الجماعة"، وإلا لماذا عندما تكون مع الجماعة تكون منضبطاً وملتزماً وفي غير الجماعة تتراخى الامور وتضيع ؟! 

 ومن فوائد الطريقة أيضاً أنها تعلم السالك المريد السنن والزكاة والهدي المحمدي والكثير من العلوم الشرعية كما لو كنت ملتحقاً بجامعة للعلوم الشرعية، فتتعلم وتزداد نوراً ويزيد الله من نور بصيرتك ويزيدك فقهاً في الدين ويزيدك معرفة بالله وتقربك من الله أكثر وأكثر وهذا ما يُنطلق عليه مصطلح التزكية، فالتزكية أيضاً تأتي من هذا الجانب، لأن التزكية لا تنحصر فقط على أنوار الذكر، ولا شك أن الذكر له دور كبير وعظيم في تنوير القلوب لاسيما الذكر المأذون

 

ولكن حديثنا عن الطريقة بهذا الشكل لسبب وجود بعض الناس من لديه مفهوم الطريقة بشكل خاطئ، يعتقدون أن الطريقة منهج خارج عن الشرع الأصل ومسلك خاص بنفسه 


وبالطبع نشأت هذه الفكرة بسبب تشويه الصورة الذين تسببوا بها أهل الطرق والتصوف، عندما ذهب كل واحد منهم جعل الطريقة حكراً خاصاً لنفسه وجمع وكتب أوراداً وأدعية خاصة فيه اي من مروياته هو خارجة عن الكتاب والسنة وليست مما هو مروى عن النبي ﷺ فهذا هو الخلل للأسف

 الخلل الذي شوه الصورة الحقيقية عن الطريق، فكانت النتيجة أن الناس أصبحت تفرُّ من أن يسلكوا في الطريق..

حتى أن مسمى الطريقة يجب أن يُلغى ويطلق على هذه الجماعات اسم مجالس الذكر، لأنها حقيقة هي مجالس يقام فيها ذكر الله .


 فهل أنت تذكر الله سبحانه وتعالى بمفردك أم تذكره مع الجماعة؟

بالطبع مع الجماعة لأن عناية الله ورسوله صل الله عليه وسلم عليها وتحفها الملائكة ودائما نظر الله عز وجل عليها، فمجالس الذكر لا يشقى جليسهم، اي إذا كان في مجلس الذكر رجل لا يذكر الله فإنه لا يشقى كونه جليسهم، فيناله نصيبه من الأجر والثواب على جلوسه مع الذاكرين، لذلك نتفهم الآن ، أن مجالس الذكر هو معنى الطريقة نفسه

لأن محتوى الطريقة هو الذكر والتلاوة وتعلم العلم فتقام فيها مجالس الذكر ومجالس تلاوة القرآن الكريم ويتم سماع وتعلم دروس العلم ويتم تعليم الهدي النبوي والسنن النبوية يعني بالضبط كما في المدرسة الشرعية لم تخرج أبداً عن الكتاب والسنة ..

إن الضلال الحقيقي هو أن تكون الطريقة قد خرجت عن الكتاب والسنة وأن تعلو على الشرع المحمدي فبذلك تصبح طريقاً للضلال 


 فبالتالي كل طريقة لك تتبع الأذكار النبوية والأدعية والسنن النبوية وأنشأوا أدعية وأوراد من أنفسهم ومن غيرهم دعاء للشيخ الفلاني وورد لشيخ آخر وما إلى ذلك، وخرجوا عن الكتاب والسنة، ولم يتبعوا النبي ﷺ فهؤلاء ضلوا الطريق ولو أنهم كانوا يُسمون أنفسهم طريقة، لا شك أنهم يؤجرون ولكن بسبب عدم اتباعهم للنبي ﷺ فأضلوا حقيقةً وأصبحوا في متاهة، لذلك حُوربوا ولذلك تشوهت صورتهم..


فنحن في طريقتنا الطريقة المحمدية أورادنا نبوية، علومنا نبوية وأفكارنا نبوية، وكلها من الكتاب والسنة لايوجد فيها شيء خارج عن الكتاب والسنة أبداً، وهذه الطريقة هي التي تحث على الجماعة كي تذكرك فلا تغفل ولا تتراخى الامور، كي لا تضيع وحدك، حتى يكون لديك مُذكر مرشد ناصح لك يذكرك ويوقظك بعد غفلتك، أن تجلس مع الجماعة اي لا تشقى حتى وإن لم تذكر معهم يكفي وجودك بينهم فلا تشقى هذا هو المفهوم الصحيح الذي علينا التوجه إليه، لذلك وجب علينا تغيير مسمى الطريقة حتى لا تكون بالمفهوم الذي في عقول الناس أو الصورة التي يفهمونها واتخذوها عن التصوف،

نحن لا علاقة لنا بالتصوف، أهل التصوف بسبب هذا الخطأ ضلوا الطريق ولو أن فيهم جانب من الحق كبير، ولكن في الوقت ذاته كان لهم أموراً لم يتبعوا بها المنهج النبوي الشريف، اي ابتدعوا لأنفسهم منهجاً خاصاً بهم حكراً لهم فقط وهذا لا يجوز .


إن الطريقة الحقيقية هي طريقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي جاء بها إلى الأمة ولكن إن كان هناك طريقة خاصة فهي التي تكون مع الجماعة مع رفقاء الطريق والصحبة الصالحة فالمؤمنون أخوة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، إن وقعت قوموك وإن نمت ذكروك ولديك مرشد يتابعك ويتابع حالتك ويتابع سلكك وذكرك وأورادك، أما إن لم تكن منتسباً لهذه الجماعة وكانت حياتك خالية من هذه الأحوال حتماً ستذهب مع الدنيا، فالطريقة الحقيقية بُنيت على هذا الأساس 

لذلك يجب تغيير فهم الطريقة عند الناس على الناس أن تعلم وتفهم أن الطريقة ليست خارجة عن الشرع المحمدي، فالدين إتباع، إتباع سنة النبي ﷺ وإتباع طريقته التي لا يعلوا عليها أحد كائنًا من كان ..

إن كنت تريد أن تتبع طريقة معينة سِر على سنة وهدي الطريق المحمدي الشريف، لا تمشِ عكس الريح أو على شيء من نفسك أنت واتباع هواك !!


إن الفرق حقيقة بين السير فردياً والسير مع الجماعة فقط أنه بالتزامك بالطريقة سيكون لديك مرشد يذكرك، ولكن عندما ستكون منفرداً لن تستطيع أن تضبط نفسك وستكون عشوائياً، بذلك نعلم أن الطريقة هي الانضباط والالتزام، والالتزام بها تعني أن ترتقي روحيّا بشكل أسرع من الانفراد بنفسك وقد تأخذك الدنيا ولن تستطيع ردّها وتصبح ضائعاً فيها تائهاً متخبطاً في ظلماتها.. نرجو من الله أن نكون قد أوصلنا لكم الفهم الصحيح المطلوب لمعنى الطريقة .

 

 والله ولي التوفيق

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ







إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال