عدم المنازعة في القدر و الأمر بحفظ الرضا به
قال الشيخ الجيلاني رضي اللّه عنه و أرضاه: الأحوال قبض كلها، لأنه يؤمر الولي بحفظها و كل ما يؤمر بحفظه فهو قبض، و القيام مع القدر بسط كله، لأنه ليس هناك شيء يؤمر بحفظه سوى كونه موجودا في القدر، فعليه أن لا ينازع في القدر بل يوافق و لا ينازع في جميع ما يجري عليه مما يحلو و يمر. الأحوال معدودة فأمر بحفظ حدودها، و الفضل الذي هو القدر غير محدود فيحفظ.
و علامة أن العبد دخل في مقام القدر و الفعل و البسط أنه يؤمر بالسؤال في الحظوظ بعد أن أمر بتركها و الزهد فيها، لأنه لما خلا باطنه من الحظوظ و لم يبق فيه غير الرب عزّ و جلّ بوسط فأمر بالسؤال و التشهي و طلب الأشياء التي هي قسمه، و لا بد من تناولها و التوصل إليه بسؤاله، ليستحقّ كرامته عند اللّه عزّ و جلّ و منزلته، و امتنان الحق عزّ و جلّ عليه بإجابته إلى ذلك، و الإطلاق بالسؤال في عطاء الحظوظ من أكثر علامات البسط بعد القبض، و الإخراج من الأحوال و المقامات و التكليف في حفظ الحدود.
فإن قيل: هذا يدل على زوال التكلف و القول بالزندقة و الخروج من الإسلام، ورد قوله عزّ و جلّ: وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) [الحجر: الآية 99]، قيل لا يدل على ذلك و لا يؤدي إليه بل اللّه أكرم و وليه أعز عليه من أن يدخله في مقام النقص و القبيح في شرعه و دينه، بل يعصمه من جميع ما ذكر و بصرفه عنه و يحفظه و ينبهه و يسدده لحفظ الحدود، فتحصل العصمة و تتحفظ الحدود من تكليف منه و مشقة، و هو عن ذلك في غيبة في القرب. قال عزّ و جلّ:(( كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ)) [يوسف: الآية 24]، و قال عزّ و جلّ:(( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ))[الحجر: الآية 42]، و قال تعالى:(( إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40) ))[الصّافات: الآية 40] يا مسكين هو محمول الرب و هو مراده، و هو يربيه في حجر قربه و لطفه، أنى يصل الشيطان إليه و تتطرق القبائح و المكاره في الشرع نحوه؟
أعاذنا اللّه و الإخوان من الضلالة المختلفة بقدرته الشاملة و رحمته الواسعة، و سترنا بأستاره التامة المانعة الحامية، و ربانا بنعمه السابغة و فضائله الدائمة بمنه و كرمه تعالى شأنه.
والله ولي التوفيق
جزاك الله خيرا
ردحذفشكرا جزيلا
ردحذفكن في الدنيا كعابر سبيل
ردحذف