الخضر عليه السلام وسر ماء الحياة التي شرب منها
أن في كل ذات مخلوقة عين الحياة لروح ذلك المخلوق ، فيقول الشيخ الجيلي قدس الله سره :
اعلم أن عين الحياة مظهر الحقيقة الذاتية من هذا الوجود فافهم هذه الإشارات ، وفك رموز هذه العبارات ، ولا تطلب الأمر إلا من عينك بعد خروجك من إنيتك لعلك تفوز بدرجة :
أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقونَ ، ويسمح لك الوقت بأن تصير من حزبهم ، فتكون المراد بموسى وخضر ، والإسكندر ، والظلمات ونهره .
ويرى الشيخ :
أن ماء البرزخ بين البحران ، هو ماء الحياة الأبدية ، فيقول : فلما مرج البحرين يلتقيان جعل الله بينهما ماء الحياة برزخاً لا يبغيان ، وهذا الماء في مجمع البحرين وملتقى الحكمين والأمرين ... أن من شرب منه لا يموت .
والذي نراه أن السبب الحقيقي وراء بقائه حياً : هو حصوله على مرتبة ولاية خاصة أهلته أن يكون من رجال الغيب الفانين عن المأكول والمشروب والخَلق وبالتالي الخلود .
وهذا الرأي هو ما ذهب إليه حضرة السيد الشيخ الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني حيث قال :
ومنهم الأولياء من يفنى عن المأكول والمشروب وينعزل عن الخلق ويحجب عنهم ويعمر في الأرض بلا موت ... كالخضر رضى الله عنه ولله ـ عز وجل ـ عدد كثير منهم محجوبون في الأرض يرون الناس وهم لا يرونهم ، الأولياء فيهم كثرة والأعيان فيهم قلة ، آحاد أفراد مفردون ، والكل يأتونهم يتقربون إليهم ، هم الذين بهم تنبتالأرض وتمطر السماء ويرفع البلاء عن الخلق وهذا الانتقال والتحول نتيجة للإرادة الإلهية حيث قال تعالى :
﴿ إنما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقولَ لَهُ كُنْ فَيَكونُ ﴾
كان علم الخَضِر علم معرفة بواطن أمورٍ قد أوحيت إليه، وهو أشبهُ بـ (القدر) الخفيّ؛ الذي يفسر ما وراء الأحداث، وكان علم موسى علم الأحكام والفتيا بظاهر أقوال الناس وأفعالهم، فكان بذلك (الشريعة) الواجبة الاتباع .
فالخلود هو لكلِّ من يغترفُ من عِلم الله فيخطو إليه خُطوة، وهذا ما علّمه الخَضِر لسيّدنَا موسى في رحلته نحو الحق. ألا ترى أنّ سيّدنا موسى ترك نبع الحياة الذي قفزت فيه تلك السّمكة بعد أن أصابها قطرات منه؟ لم يكن موسى –عليه السّلام- يطلب شيئاً، سوى شربة قليلة من كأس علم الله الذي يغترف منه كلّ باحثٍ مُتعطّش.
والله ولي التوفيق
جزاك الله خيرا
ردحذفاللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد
ردحذف