أسباب تسلط الناس عليك عندما تبدأ بالسير والسلوك وتعلم كيف تتعامل مع هذا المحيط

 أسباب  تسلط الناس عليك  عندما تبدأ بالسير والسلوك

 وتعلم كيف تتعامل مع هذا المحيط

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثٌ عَظيمٌ وَجِيز قَلِيلُ الألفاظ، لَكِنَّه واسِعُ الْمَعْنى، كثيرُ الفوائِدِ لِمَن تَأَمَّلَه. 

يقول رسول الله ﷺ : « المُؤْمِنُ مِرْآةُ المؤمِن » .

اي : آلة لإراءة محاسن ومعايب نفسه على الحقيقة، فهو يرى من أخيه ما لا يراه من نفسه وهي (داخلية مافي قلبه ) 

تَصَوَّرأخي نوَّر الله بصيرتك أَنَّكَ واقف تَنْظُرُ في المِرآة !! فإنّكَ لَن تَرى إلا صُورَتَك على حقيقَتِها وطَبيعَتِها في واقِعِ الأمْر، كما يُرسَم في المِرآة ما هو مختفٌ عن ناظرها فيرَاهُ فيهَا أي لا يَعلم المَرءُ عَيبَ نَفسهِ إلا  بإعلامِ أخيهِ لَه بِعيبهِ بالضبط كمَا يَكتشِفُ خللَ وجههِ بالنَّظرِ فِي المِرآة ( فَإن رَأى ) أَحَدكُم : بِأخيهِ ( أذَى ) أو عَيباً مِمَّا يُؤذيهِ أو يُؤذِي غَيرِه فَليُميطُه عَن نَفسِه أولاً ثُم يُنَاصحُ أخَاهُ كمَا يُناصحُ نَفسهُ ولكَ أن تَقيسَ ذلِك علَى جَميعِ الخلق والناس فكلُّهم مرايا لبعضِهم البَعض ، من حيثُ كونِ المِرآة مظهَراً لترَى عُيوبَك الداخليَّة فيهَا وهِي ( مِرآةُ أخِيكَ المُؤمِن ) 

(وأخُوكَ المُؤمِن) يرَى عَيبهُ الدَّاخليِّ (فيكَ) ايضا 

ومَا نصبَ اللّٰهُ هذَا المِثال و خلقَ لنَا هَذهِ المَرايَا إلا لُيعطِينَا النَّظر فيهَا لإِصلاحِ مَا وقعَ فِي صُورتِنا مِن خَلل و مَا يتعَلَّق بهَا مِن أذَى لنُزيلَه علَى بصِيرة فهيَ تجلٍّ لإزَالةِ العُيُوب .

فهذا يَدلُّكَ عَلى أنَّ الرَّائي في المِرآة يوضَعَ أمامَه علمٌ لم يكُن يرَاهُ قبلَ ذلكَ فالمُؤمِن لا يلزَمُهُ النَّظر إلَى أفعَال الخَلقِ من حَولِه، بَل ينظُر إلَى أفعَال اللَِّه فيهِم ..فالله يؤدبه من خلال افعال الخلق من حوله ليرى عيب نفسه 

فعِندمَا تقفُ أمَام مِرآةِ أخِيك المُؤمن فإن صورتك تتجسد فيه .. !

فإذَا تسلَّط عليكَ أحَد فاعلَم أنَّ العَيب منكَ لا منهُ لأنَّك تَنظُر إلَى حِجَابك الدَّاخليّ أي :   (صفاتُك) التي ظهرت فيه وتجلت عليه امامك  فأنتج تَسَلّطه علَيك وهذَا يُثبت أنَّ الإنسَان فِي جميعِ تعَامُلات حياتهِ لا يَثبُت للخَلق .

 فعند العَارفِين أنَّ بينَ الحقِّ والعبدِ هاتَينِ المِرآتَين أو التَّشَاكُل، وذلِك لأنَّ من أسمَاء اللِّه الحُسنَى ( الْمُؤمِن ). 

فاللَّهُ يُخبرُ عبَادهُ الصَّالحِين عَن عُيوبهِم ليكُونوا فِي حَالةِ قُربٍ وصَلاح بالنظر لعيوب انفسهم من خلال الخلق حولهم فينسبها لله لان الله تعالى يؤدب الخليقة بهذه الطريقة.

فَيكُن الفَهمُ عنِ اللَّه فيمَا أوحَى بهِ إلَى عِبادَه علَى مَرايَاهُم  فَأثبَتَ الأُخُوَّة بينَ المُؤمِنينَ و جعلَ كُلّ واحِدٍ مِن المُؤمِنِين مِرآةً لأَخيهِ فَيرَاهُ و يَرَى فيهِ نَفسَهُ مِن كَونهِ علَى أيِّ صُورَة كَان كُلّ مُؤمِنٍ مِنهُما بهَذهِ المَثَابَةِ أي : ( دَرجَةُ نَفسِه) 

فإذَا بَدرَ مِن أحَد خَلقِ اللَّهِ مَوقفٌ أسَاءَ فيهِ إليكَ فلَا تَنظُر إلَى المَخلُوق بأنَّ ذلكَ فعلُهُ وإنَّمَا ابحَث فِي خَبايَا نفسَك عنِ الخَلل  فإنَّ اللَّه يُؤدِّب خَلِيقَتهِ بِبعضِهمُ البَعض ولا يُنفَى عدَم وُجودِ الخَلل فِي صَاحبكَ هُو أيضاً فيهِ بعضُ العِلل فَينصَحُه إذَا غابَ عنهُ، ويُميطُ عنهُ مَا يكرَه إذَا شهِد، ويُوسِّع لَه فِي المَجلِس فَالكُلّ فِي هَذهِ الرُّؤيَة يُهذِّب نَفسَهُ .

فَأخيكَ هُو مِرآتُك أنتَ فأصلِح عَيبَكَ الَّذي يَظهرُ فِيهِ؛وهُو أيضاً أنتَ مِرآتُهُ لِيُصلِح عَيبَهُ الَّذي يَظهرُ فيكَ .. وهَكذَا وقس على جميع من حولك 

فَتظَهرَ مَحَاسِنكُم علَى بعضكُمَا 

وتَظهَرُ مَساوِئُكُم علَى بَعضِكُما

وإذَا كَانت العَلاقَة بينَ الإِخوَة حُبٌّ ومَوَدَّةٌ فهذِا يدل على ان هذه المرايا صافية نظيفه وهذا ماوصفه الله بقوله: 

 ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63﴾ 

لا خُبث  ولَا حُجُب انما هي محبة ايمانية خالصة . إنَّما هُو بقَدرِ صفَاء المِرآة عَن صَدأِ الذُّنُوب ، وتَجَلِّيَاتِ الشَّهَوات وسَائرِ العُيُوب 

فَانظُر لِصُورةِ الإِنسَان أمَامَك تعرِف نَفسَك

فَإن تَسلَّط عَليكَ أو كانَ فيهِ خُبثٌ أو عِلَّةٌ أو مَاشَابه و بَدرَ منهُ مِن تَصرُّفٍ أذَاكَ بهِ فهذهِ رِسالةٌ لكَ أن تصلِح ما بِداخلِكَ .

فهَذَا نَهجُ العَارفينَ بِاللَّه إذا رَأَوْا تَسَلُّطاً مِن أَحَدٍ عَليهِم وَيُؤذِيهِم لا يَلُومُون مَن آذَاهُم بَل يُحَاسِبوا أنفُسَهم ويَسألُوهَا مَاذا بَدَر منهُم فِي يَومهِم ولَيلَتهِم ويُرَاقبُونَ تَوجُّهَهم  في كل وقت.

مصداقا لقول النبي ﷺ « طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس»

وقوله  : « يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه »

لأنَّ الْمِرْآةَ صَريحةٌ وصادِقَةٌ، لا تَعْرِفُ الكَذِبَ ولا النِّفاقَ ولا الغِشَّ والخِداعَ، ولا الشحناءَ ولا الحِقْدَ والحَسَد، لأنها تَذْكُرُ العَيْبَ كَما هُو، لا تُصَغِّرُه ولا تُكَبِّرُه، ولا تأْخُذُ العَيْبَ في قَلْبِها، ولا يَنْطَبِعُ في صَدْرِها شيءٌ، بَلْ بِمُجَرَّدِ مُفَارَقَةِ الناظِرِ إليها يَذهَبُ ما عَكَسَتْهُ من المَعايِبِ.

فنِّظِف رَحمكَ اللَّه زُجَاجَ مِرآتِك التِي تَنظُر مِنها وأصلِح عُيوبَك ولا تَلتَفت لِعُيُوب غيرك فتهلك  ( فهُي بالاصل عيوبك انت التي تجلت فيه فَتَسلَّطَت عَليكَ ) 

وهُو أيضاً لَيسَ نظِيفاً فهُو أيضاً فيهِ الخُبث و قد يُسلِّطُك اللَّهُ عَليهِ سَواءٌ أنتَ أم غَيرَك كذلك وهكذا يؤدب الله الخلق بالخلق و يُسَلَّطُ الظَّالِم على الظَّالِم .

فكمَا تَكونُوا يُولَّى عَليكُم حتَّى تُصبِحُوا فِي فِئةِ الَّذينَ لا خَوفٌ عَليهِم ولَا هُم يَحزَنُون فِي الوِلايَةِ الحَقيقِيَّة ( فِي مَعيَّةِ اللَّه الخَاصَّة ) حيثُ هنا لا أحَد يَقترِبُ منكَ لأنَّك أصبَحتَ طَاهرَ القَلب سَليم الصدر ( الا من أتى الله بقلب سليم ) 

فَهُنا يَزُول تَسلُّط النَّاس عَنكَ بقَدرِ صفَاءِ مِرآتِكَ عَن صَدأِ الذُّنُوب والآثَام، والشَّهَوات وسَائرِ العُيُوب  

فَراجِع  أخِي الكَريم نَفسَك مُباشَرةً في حينِ تَعرُّضِك للأذَى مِن المَخلُوق لأنَّ العِلَّةَ فِيكَ واللَّه تعَالى سَلَّطَهُ عَليكَ تَأدِيباً لكَ وتَهذِيباً لِنفسِك وفِي المُقَابل هُو أيضًا لَن يَنجُو مِن التَسَلُّط الغَيرِ عَليهِ لكِنَّه ابتُلِيَ فِي ظُلمِكَ فَاللَّه تعَالَى سَيُسَلِّط عَليهِ مَن هُو أظلَم منهُ حتَّى يَنتَبهَ لِعَيبِه وكَذلِكَ ظَالِمَهُ سَيُسَلّطُ اللَّهُ عَليهِ مَن هُو أظلَمُ مِنهُ وهكَذَا هيَ السِّلسِلَة تَجرِي ظَالِمٌ علَى ظَالمٍ علَى ظَالِم علَى ظَالِم ومَن هُم الَّذينَ فِي الرَّحمَة ؟

 هُمُ الَّذينَ لَا خَوفٌ عَليهِم ولَا هُم يَحزَنُون هُم أولِياءُ اللَّهِ وخَاصَّتُه وَهُم ( الَّذينَ سَلَّموا للَّهِ تَسلِيماً خَالِصَاً صَادقاً ونَصَرُوا أمرَه ودِينَه وعَبدُوهُ حقَّ عِبَادَتِه ) هَـؤلَاءِ هُمُ الفِئَةُ النَّاجِيَة فكن منهم 

والله ولي التوفيق 

اخي المؤمن لاتنسى أن تصل وتسلم على النبي محمد وعلى آل محمد