سيرة المصطفى ﷺ(١٧)قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب أسد الله


 

سيرة المصطفى ﷺ(١٧)


كان لإسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه قصة عجيبة، ولكن الله إذا أراد أمرا فلا راد لقضائه، فما قصة إسلام حمزة رضي الله عنه ؟ وكيف دخل الإيمان في قلبه؟

قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب أسد الله


في أثناء هجرة الحبشة أو بتعبير أدق: بين الهجرتين الأولى والثانية إلى الحبشة، كان قد حدث في مكة أمر جلل، كان بمنزلة حجر زاوية تَغيّر بعده مسار الدعوة تمامًا، واختلفت بسببه استراتيجية المؤمنين في جهادهم ضد أهل الباطل في مكة المكرمة، زادها الله تكريمًا وتعظيمًا وتشريفًا.


هذا الحدث كان إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعده بثلاثة أيام، حدث ضخم، كان له رعد وبرق، وصدى مدوٍّ، ووقع مجلجل، فقد أسلما -رضي الله عنهما- في أواخر السنة السادسة من البعثة، وفي شهر ذي الحجة على الأرجح، وكانت قصة إسلامهما غاية في العجب

 تظهر فيها بوضوح معاني الآية الكريمة:

 {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56].


لقد أسلم كلا البطلين في أحوال لا يتوقع أحد من المسلمين أن يدخل الإيمان في قلب أيٍّ منهما.


أسلم أولاً حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه القرشي الهاشمي الشريف، وكان فارس قريش، وكان من أكثر الناس عزة ومنعة، وأقواهم بأسًا وشكيمة.


كعادته خرج حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصيد، وفي مكة وفي ذات هذا اليوم مر أبو جهل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند الصفا وحيدًا، فما كان من أبي جهل إلا أن تطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه وسبه سبًّا مقذعًا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم صامت لا يجيبه أو يرد عليه سبابه 

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} 

[الفرقان: 63]

لكن أبا جهل لم يزده حلم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اغترارًا وجهلاً، فما كان منه إلا أن حمل حجرًا وقذف به رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريفة، فشجَّه حتى نزف منه الدم -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم- بعدها انصرف أبو جهل -لعنه الله- إلى نادي قريش عند الكعبة، مفاخرًا يحكي ما فعل، وما تم بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.


مكر الله وعينه التي لا تنام


كان لعبد الله بن جدعان أَمَة (وكانا كافريْن)، وكانت تلك الأمة قد رأت وسمعت ذلك الذي حدث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبي جهل لعنه الله، وبعد انتهاء الحدث جاء حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صيده، وبترتيب إلهي وقفت الجارية تقص ما حدث لحمزة، الجارية كافرة، ومولاها مثلها أيضًا، والذي تحكي له حمزة -أيضًا- كافر، لكن {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدَّثر: 31]. 


قالت الجارية: "يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفًا من أبي الحكم بن هشام؟ وجده هاهنا جالسًا فآذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه محمد لم يكلمه".


كان حمزة هو الوحيد الذي يدافع عنه من بين أعمامه

فالظلم الشديد الذي تفاقم ووصل إلى هذه الدرجة كان قد حرك هذه العواطف وتلك المشاعر والأفكار في قلب حمزة وعقله، مشاعر الحب لمحمد صلى الله عليه وسلم، ولأبيه عبد الله الذي مات وترك محمدًا، وأيضًا مشاعر القبلية الهاشمية الشريفة، وكذلك مشاعر الغيظ والغضب، وأيضًا مشاعر النخوة تجاه نصرة المظلوم.


بعد سماع كلام الجارية تلك لم يجد حمزة نفسه إلا متجهًا نحو فعل غريب، ومدفوعًا وبقوة عجيبة تجاه عمل لم يفكر ولم يخطر ببال أحد أبدًا أن يقدم عليه، بل لم يفكر هو نفسه في أن يفعله، لقد انطلق حمزة -وهو الذي ما زال على دين قومه- إلى أبي جهل، حيث يجلس بين أصحابه وأقرانه وأفراد قبيلته في البيت الحرام، وقد نظر إليه ثم أقبل نحوه لا يقوى أحد على الوقوف أمامه، وأمامه تمامًا كانت نهاية خطواته، ثم ودون أدنى ارتياب أو تفكير رفع قوسه وقد هوى به على رأس أبي جهل في ضربة شديدة مؤلمة، شجت على أثرها رأسه وأسالت الدماء منها، لقد كان قصاصًا عادلاً، ضربة بضربة، ودماء بدماء، لكن فوق ذلك فإن الإهانة كانت غاية في الشدة لأبي جهل؛ حيث كانت هذه الضربة أمام أفراد قبيلته وعشيرته، بينما كان الذي حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيدًا عن أعين الناس.


لقد كان مثل هذا الرد في عرف الناس كافيًا لأن يُشفي الغليل ويريح الصدر ويسكن القلب، لكن حمزة ما زال ثائرًا، لم يُشف غليله بعدُ، ولم يُرح صدره ولم يسكن قلبه ولا سكنت جوارحه، أراد حمزة أن يكيد لأبي جهل بكل ما يستطيع، أراد أن يلقي في قلبه حسرة تدغدغ جوانبه وتشل أركانه، فكر حمزة، ما أشد ما يغيظ أبا جهل؟ وفي نفسه علم أنه الدين الجديد، إنه الإسلام، وعلى الفور ودون سابق تفكير أو تَرَوٍّ قال حمزة: "أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟! فرُد عليَّ ذلك إن استطعت".


انطلقت هذه العبارة من فم حمزة رضي الله عنه فوقعت كالقذيفة على قلب أبي جهل، لم يستطع بعدها أن يحرك ساكنًا، ألهته عن التفكير في الانتقام، وقد تضاءل حجمه حتى كاد أن يختفي وهو كبير الكافرين، حينها قام رجال من بني مخزوم يريدون أن ينتصروا لأبي جهل، لكنه خيفة منعهم ذلك، بل وهدأ ثائرتهم وقال: "دعوا أبا عمارة؛ فإني والله قد سببت ابن أخيه سبًّا قبيحًا".


لكن، ما الذي حدث من حمزة؟! أبهذه السهولة يدخل في دين الإسلام؟! أبهذه السهولة يقول وفي لحظة واحدة الكلمة التي لطالما رفض أن يقولها سنوات وسنوات؟!


سنوات ست كان يسمع حمزة عن الإسلام، سنوات ست لم تنقل حمزة من حال الكفر إلى حال الإيمان، بينما نقله هذا الحادث غير المقصود في عرف الناس، لقد دخل حمزة دين الإسلام رغمًا عن إرادته، لم يتروَّ في التفكير كعادته، خرجت الكلمة من فمه

(( بأمر من الله تعالى))


يظن البعض أن حمزة قد أسلم مصادفة، لكن الحقيقة أن إسلامه ليس بالمصادفة، 

((إنما هي سنة من سنن الله 

عز وجل))


 فالظلم الشديد إذا تفاقم أمره وطال ليله أعقبه نصر من الله عز وجل، ولا شك أن إيمان حمزة بن عبد المطلب كان نصرًا للدعوة، وإذا لم يكن هذا الظلم الذي وقع شديدًا ما لفت نظر حمزة، وما استطاع أن يحرك أشياء كثيرة جدًّا ما تحركت منذ سنوات ست، فهو تدبير رب العالمين، فكما يخلق من بين الفرث والدم لبنًا خالصًا سائغًا، يخلق من وسط الظلم عدلاً ونورًا، ومن وسط الاضطهاد والقهر والبطش نصرًا وتمكينًا، ولو كان أبو جهل يعلم أن مثل هذا سيحدث ما فكر ولو مرة واحدة في سب أو ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه تدبير رب العالمين .


 {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.

 [الأنفال: 30].

رضي الله عن حمزة أسد الله وعن الصحابة أجمعين


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ


https://t.me/addlist/SyegxTeGNh04Mzk0


وصله جديد فيها قنوات التلجرام


وهذا رابط لمجلس الروضة الشريفة

https://t.me/+TI5aDCvPA9tjYzBk


حسابنا في التيك توك


https://www.tiktok.com/@user6051233506327?_t=8pDeeSZ9bP8&_r=1


مكتبة الهاشمي


https://play.google.com/store/apps/details?id=app3149231.ptf&hl=ar


روضة الصالحين


https://youtube.com/@rawdat-alsalheen?si=SVbBHLBW4puaqTIi











































إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال