كيفية جهاد شهوة البطن والفرج



 كيفية جهاد شهوة البطن والفرج


 بسم الله الرحمن الرحيم:

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن على المسلم أن يجاهد نفسه للتحكم في هواه وشهواته النفسية والبدنية ؛ فقد حذرنا الشرع من اتباع الهوى والشهوات ومن الإسراف في الأمور كلها وأمرنا بالاعتدال والتوسط.. فقال تعالى:

 وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين {الأعراف: 31}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن ادم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. رواه أحمد والترمذي وغيرهما.

فإذا علم المسلم تعاليم دينه وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم في الطعام فإن اتباع ذلك من أهم ما ينفعه في التغلب على شهوته والتحكم فيها عند تناول الطعام، وإذا زادت شهوة الطعام عن المعتاد وظل المرء لا يقنع إلا بتناول الكثير من الطعام فإننا ننصح في ذلك باستشارة أهل الاختصاص من الأطباء.

إن شهوة البطن من أعظم المهلكات، وبها أُخرج آدم عليه السلام من الجنة، ومن شهوة البطن تحدث شهوة الفرج والرغبة في المال، ويتبع ذلك آفات كثيرة، كلها من بطر الشبع.

وفى حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "المؤمن يأكل في معيً واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء".

وقال عقبة الراسبي: دخلت على الحسن وهو يتغذى، فقال: هلم، فقلت: أكلت حتى لا أستطيع، فقال: سبحان الله أو يأكل المسلم حتى لا يستطيع أن يأكل؟!

‍‍‍وقد بالغ جماعة من الزهاد في التقلل من الأكل والصبر على الجوع، وقد بينا عيب ما سلكوا في هذا ، ومقام العدل في الأكل رفع اليدين مع بقاء شىء من الشهوة، ونهاية المقام الحسن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه".

فالأكل في مقام العدل يصح البدن وينفي المرض، وذلك أن يتناول الطعام حتى يشتهيه، ثم يرفع يده وهو يشتهيه، والدوام على التقلل من الطعام يضعف القوى، وقد قلل أقوام مطاعمهم حتى قصروا عن الفرائض، وظنوا بجهلهم أن ذلك فضيلة، وليس كذلك، ومن مدح الجوع، فإنما أشار إلى الحالة المتوسطة التي ذكرناها.

وطريق الرياضة في كسر شهوة البطن أن من تعود استدامة الشبع، فينبغي له أن يقلل من مطعمه يسيراً مع الزمان، إلى أن يقف على حد التوسط الذي أشرنا إليه، وخير الأمور أوسطها، 

فالأولى تناول مالا يمنع من العبادات، ويكون سبباً لبقاء القوة، فلا يحس المتناول بجوع ولا شبع، فحينئذ يصح البدن، وتجتمع الهمة، ويصفو الفكر، ومتى زاد في الأكل أورثه كثرة النوم، وبلادة الذهن، وذلك بتكثير البخار في الدماغ حتى يغطى مكان الفكر، وموضع الذكر، ويجلب أمراضاً أخر.

وليحذر من ترك شيئاً من الشهوات أن تتطرق إليه آفة الرياء، وقد كان بعضهم يشترى الطعام ويعلقها في بيته وهو زاهد فيها، يستر بها زهده، وهذا هو نهاية الزهد، الزهد في الزهد بإظهار ضده، وهو عمل الصديقين، لأنه يجرع نفسه كأس الصبر مرتين، والثانية أمر.

وأما شهوة الفرج، فاعلم أن شهوة الوقاع سلطت على الآدمي لفائدتين:

إحداهما: بقاء النسل، والثانية ليدرج لذة يقيس عليها لذات الآخرة، فإن ما لم يدرك جنسه بالذوق، لا يعظم إليه الشوق، إلا أنه إذ لم ترد هذه الشهوة إلى الاعتدال، جلبت آفات كثيرة، ومحناً، ولولا ذلك ما كان النساء حبائل الشيطان.

وفى الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما تركت في الناس بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء".

وقال بعض الصالحين: لو ائتمنني رجل على بيت مال، لظننت أن أودى إليه الأمانة، ولو ائتمنني على زنجية أخلو بها ساعة واحدة، ما ائتمنت نفسي عليها.

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يخلو رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان".

وقد ينتهي الإفراط في هذه الشهوة، حتى تصرف همة الرجل إلى كثرة التمتع بالنساء فيشغله عن ذكر الآخرة، وربما آل إلى الفواحش، وقد تنتهي بصاحبها إلى العشق، وهو أقبح الشهوات، وأجدرها أن تستحيي منه، وقد يقع عند كثير من الناس عشق المال، والجاه، واللعب بالنرد، والشطرنج، والطنبور، ونحو ذلك، فتستولي هذه الأشياء على القلوب فلا يصبرون عنها.


ويسهل الاحتراز عن ذلك في بدايات الأمور، فإن آخرها يفتقر إلى علاج شديد، وقد لا ينجح، ومثاله من يصرف عنان الدابة عند توجهها إلى باب تريد دخوله، فما أهون منعها يصرف عنانها، ومثال من يعالجه بعد استحكامه، مثال من يتركها حتى تدخل الباب وتجاوزه، ثم يأخذ بذنبها يجرها إلى وراء، وما أعظم التفاوت بين الأمرين!!


فعليك أخي المؤمن ان تتبع أوسط الامور في جميع النعم الظاهرة عليك 

حتى تسير على نهج النبي الأكرم الأعظم عليه افضل الصلاة والسلام 

والله ولي التوفيق

أخي القاريء لاتنسى أن تصل وتسلم على النبي محمد وعلى آل محمد 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال