سيرة المصطفىﷺ((٦٩))
حادثة الإفك
💎💎💎💎💎
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ.
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا نَزَلَ الحِجَابُ ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فلمست صدري، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَار قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ رَكِبْتُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ.
فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ، وَلاَ مُجِيبٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي وَقَدْ تَلََفَّفْتُ بِجِلْبَابِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ.
وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي ، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ.
فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي، أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم
اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟»، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الَّذِي يَرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَمَا نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بن أُثاثةَ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَافَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟
قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاه أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟
قَالَتْ: قُلْتُ: وَمَا قَالَ؟
قَالَتْ: فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي.
قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللِه صلى الله عليه وسلم - تَعْنِي سَلَّمَ،
ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟».
فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهْ! مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟
قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري قالت عائشة رضي الله عنها لأمها: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟
قَالَتْ: نَعَمْ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه صَوْتِي، وَهُوَ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ فَقَالَ لِأُمِّي: مَا شَأْنُهَا؟ قَالَتْ: بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ أَيْ بُنَيَّةُ إِلَّا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ.
لا تعارض بين الروايات:
وفي رواية أخرى: أن الذي أخبر عائشة رضي الله عنها بحديث الإفك امرأة من الأنصار، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ رومان قالت: بينا أنا قاعدة أنا وعائشة رضي الله عنها، إذْ ولجتِ امرأةٌ من الأنصار، فقالتْ: فعل الله بفُلان وفعل بفلانٍ، فقالتْ أم رُومان: وما ذاك؟
قَالَتْ: ابني فيمنْ حدث الحديثَ؟ قالتْ: وما ذَاكَ؟
قالَ كذَا وكَذَا.
قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟
قَالَتْ: َنعمْ.
قَالَتْ: وأبُو بكر؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
فخرَّت مغشيًّا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حُمَّى بنافِضٍ، فطرحتُ عليها ثيابها فغطيْتُهَا.
قالت رضي الله عنها: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، لَا يَرْقَأ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي.
..........
مشاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما
قَالَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنه حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ.
قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَهْلَكَ، وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا.
وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله!ِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ.
قَالَتْ: فَدَعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بَرِيرَة: فقال: «أي بَرِيرَةُ، هل رأيتِ من شيءٍ يُريبُكِ؟».
قَالَتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ .
فاَنْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اصْدُقِي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ الله، واللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَر، وبلغ الأمرُ إلى صفوان بن المعطَّلِ رضي الله عنه فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ
أُنْثَى قَطُّ .
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر
فقال: «يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ! مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَ أَذَاهُ في أَهْلِ بَيْتي، فواللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلا– يعني صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ رضي الله عنه - ومَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي».
فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُول اللهِ، إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ.
قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رضي الله عنه وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنَّهُ حَمَلَتْهُ الْجَاهِلِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: لَعَمْرُ اللهِ لَا تَقْتُلَنَّهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ.
فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ رضي الله عنه، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ.
قَالَتْ: فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَل رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ.
قالت عائشة رضي الله عنها: فَمَكَثْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي،
قَالَتْ: فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ مَا قِيلَ، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ
قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رسول الله حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ! فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ».
قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أَحُسُّ مِنْهُ قَطْرَةً،
فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ.
قَالَ: واللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ.
قالت أمي: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فَقُلْتُ - وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ
: إني واللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، واللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ واللهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ حين قَالَ: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾
يوسف: .
قَالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ الله فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا،
قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي يُنْزَلُ عَلَيْهِ.
قَالَتْ: فَأَمَّا أَنَا حِينَ رَأَيْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَأَيْت، فوالله مَا فَزِعْتُ وَلَا بَالَيْتُ، قَدْ عَرَفْتُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللهَ ﮎ غَيْرُ ظَالِمِي، وَأَمّا أَبَوَايَ -فَوَاَلّذِي نَفْسُ عَائِشَةَ بِيَدِهِ مَا سُرّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنْتُ لَتَخْرُجَنَّ أَنَفْسُهُمَا، فَرَقًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ اللَّهِ تَحْقِيقُ مَا قَالَ النَّاسُ.
قَالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا:
«يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
فَقَدْ بَرَّأَكِ».
فَقَالَتْ أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللهَ تعالى.
وأنزل الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 11 - 20][73].
..........
إقامة الحد على من أشاع حديث الإفك:
فلما نزلت براءة عائشة رضي الله عنها، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فخطب الناس، وتلا عليهم ما أنزل الله من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أُثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحشٍ، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة، فضربوا حد القذف ثمانين جلدة، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي، قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ، وَتَلَا الْقُرْآنَ، فَلَمَّا نَزَلَ أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ، فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ .
وروى أبو داود في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «.. فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ تَوَلَّوْا كِبَرَ ذَلِكَ وَقَالُوا بِالْفَاحِشَةِ؛ حَسَّانُ، وَمِسْطَحٌ، وَحَمْنَةُ».
ترك عبد الله بن أبي ابن سلولِ:
وتُرِك عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق، ولم يحد، مع أنه رأس أهل الإفك، فقيل: لأن الحدود تخفيفٌ عن أهلها وكفارةٌ، والخبيث ليس أهلًا لذلك، وقد وعده الله بالعذاب العظيم في الآخرة، فقال تعالى﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11] [76]،
وقيل: بلْ كان يستوشي الحديث، ويجمعه ويحكيه، ويخرجهُ في قوالب من لا يُنسب إليه .
اعتذارُ حسان بن ثابت رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها:
وقد اعتذر حسان بن ثابت رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها، فقد أخرج الإمام البخاري عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء حسان بن ثابتٍ يستأذن عليها، قلتُ –القائل مسروقٌ–: أتأذنين لهذا؟
قالت: أوليس قد أصابه عذابٌ عظيمٌ؟
وقد بينت الروايات أن من خاض في الإفك قد تاب - ماعدا ابن أبي - وقد اعتذر حسان ـ رضي الله عنه ـ عما كان منه وقال يمدح عائشة بما هي أهل له:
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
حليلة خير الناس دينا ومنصبا *نبي الهدى والمكرمات الفواضل
عقيلة حي من لؤي بن غالب *كرام المساعي، مجدها غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها * وطهرها من كل سوء وباطل
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم فلا رفعت سوطي إلي أناملي
وإن الذي قد قيل ليس بلائط *بها الدهر، بل قول امرىء بي ماحل
فكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل نبي الله زين المحافل
له رتب عال على الناس كلهم * تقاصر عنه سورة المتطاول.
وأخرج الإمام البخاريُّ في صحيحه عن هشام عن أبيه عُروة بن الزبير قال: ذهبت أسب حسان عند عائشة رضي الله عنها فقالت: لَا تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقالت عائشة: استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين، فقال صلى الله عليه وسلم:
«كَيْفَ بِنَسَبِي؟».
قال حسان رضي الله عنه: لأسُلنك منهم كما تُسل الشعرة من العجين.
.........
شدة ورع زينب بنت جحش رضي الله عنها:
أما زينب بنت جحش رضي الله عنها فقد عصمها الله بلسانها، فلم تقل إلا خيرًا، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها قالت:... وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحشٍ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري فقال: «يَا زَيْنَبُ! مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟».
فقالت: يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرًا.
قالت عائشة رضي الله عنها: وهي التي كانت تُساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع، وطفقت أختها حمنة تُحاربُ لها ، فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك.
.........
حفظ أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه لسانهُ:
روى الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: أن رجلًا من الأنصار عندما سمع هذه الفرية قال: سُبحانك ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سُبحانك هذا بهتانٌ عظيمٌ.
قال الحافظُ في الفتح: وقع عند ابن إسحاق أنه أبو أيوب الأنصاري، وأخرجه الحاكم من طريقه، وأخرجه الطبراني في مُسند الشاميين، وأبو بكر الآجري في طرق حديث الإفك، من طريق عطاء الخرساني عن الزهري عن عُروة عن عائشة رضي الله عنها.
................
أبو بكر الصديق رضي الله عنه يُمسك النفقة عن مسطحٍ ثم يرجعها:
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يُنفق على مسطح بن أُثاثة لقرابته منه وفقره، فلما أنزل الله تعالى عُذر عائشة رضي الله عنها، قال: والله لا أنفق على مسطحٍ شيئًا أبدًا، ولا أنفعه بنفعٍ أبدًا، بعد الذي قال لعائشة ما قال، وأدخل علينا، فأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
[النور: 22][99].
فقال أبو بكر رضي الله عنه: بلى والله، إني أحبُّ أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان يُنفق عليه، وقال رضي الله عنه: والله لا أنزعها منه أبدًا [100]، [101].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يتبع بإذن الله ........
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
الطريقة المحمدية العلية الهاشمية الشريفة
مجلس الروضة الشريف
https://t.me/+TI5aDCvPA9tjYzBk
وصله جديد فيها قنوات التلجرام
https://t.me/addlist/SyegxTeGNh04Mzk0
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴
قناة تربوية إسلامية
واتس اب
https://whatsapp.com/channel/0029VaCigGy72WU1GRZAKs0A